شخصيًا ولفترة طويلة كان لدي فهم مغلوط مثل الملايين حول العالم بشأن “Visa” حيث كنت أعتبرها شركة لبطاقات الإئتمان وبطاقات الخصم، واكتشفت أن شركة فيزا لا تملك أي بطاقات أو حسابات بل هي بالأساس شركة مدفوعات رقمية حيث تزود المؤسسات المالية بمنتجات دفع تحمل علامتها التجارية Visa والتي تستخدمها هذه المؤسسات لتقديم برامج الإئتمان والخصم والدفع المسبق والنقد لعملاءها، أما ما نختبره نحن فهو تعاملنا مع VisaNet والتي هي شبكة المعالجة العالمية الخاصة بـ Visa والتي توفر مدفوعات آمنة وموثوقة حول العالم.
التحدي
منذ تأسيسها في العام 1958 باسم BankAmericard جاءت فيزا بتصور عالم يتجاوز النقد والشيكات، برؤية تقديم معاملات رقمية أكثر أماناً وموثوقية – بحسب وصفها – وطوال هذه العقود تشكل هذا التصور بشأنها وأصبح الناس أينما حلوا وارتحلوا حول العالم حين يرون شعارها يعلمون أن معاملاتهم آمنة ولا يترددون في فتح محفظاتهم وسحب بطاقاتهم والدفع، لكن مع الوقت بدأت الشركة تلاحظ هذا الخلل في فهم العلامة التجارية الخاصة بها، فبين ربطها ببطاقات الإئتمان والخصم والنظر لها من هذا الجانب فقط، ومع تغيير العالم الرقمي لمفهوم وأسلوب التحويلات الرقمية مع خدمات مثل PayPal وشراسة منافسها اللدود MasterCard وأيضًا توسع عالم العملات المشفرة Crypto Currencies الذي بات يعتبر مستقبل التجارة والأموال وحقق لامركزية تحويل الأموال، ظهرت الحاجة لأن تعيد الشركة تموضعها في السوق ومعالجة اللُبس في نظرة الناس لها.
إعادة تموضع العلامة التجارية
إليك بعض الحقائق، بينما تعلم الشركة حجم موثوقيتها وأمان خدمتها، فهي أيضًا متاحة في أكثر من 200 دولة مع 3.7 مليار بطاقة في العالم، وقادرة على التعامل مع أكثر من 65000 رسالة معاملة في الثانية، وتعالج أكثر من 206 مليار معاملة سداد بإجمالي 12.5 تريليون دولار، وغيرها من المعطيات التي تدل على حجم فيزا في مجال المدفوعات ومركزيتها في التحويلات المالية العالمية، لكن أيضًا تهديد العملات المشفرة الذي يلغي فكرة الوسطاء مثل فيزا وغيرها، فقد اتخذت الشركة خطوة أراها تضرب عصفورين بحجر واحد، تصحيح منظور الجمهور لـ Visa وأيضًا تحديد شكل المنافسة مستقبلا في مجال التحويلات المالية.
بتوجهها بشكل كبير إلى التقنية المالية أو ما يسمى بالـ FinTech وقطعها لخطوات كبيرة في عالم العملات المشفرة، في خلال السنوات الخمسة الأخيرة، انفقت فيزا 9 مليارات دولار في تطوير تقنية لشبكة تستهدف جمهورًا أوسع من خلال استهداف الأفراد والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، فعلى سبيل المثال بإمكان من يمارس وظيفة مؤقتة استقبال أجره فورًا بمرونة وسرعة، أيضًا ستسهل هذه التقنية من تحويل الأموال بين الأشخاص من خلال شبكة من مليارات البطاقات والحسابات حول العالم – وهو ما يطرح التساؤل لدي بشأن خدمة مثل ويسترن يونيون-، ومثال آخر ستسمح التقنية للشركات من تحويل الأموال عالميًا للدول الأخرى بشكل أكثر سلاسة عن قبل.
Meet Visa ، تعرف على فيزا
وكإستراتيجية لإعادة طرح الهوية بشكل جديد وتقديم المرحلة الجديدة من حياة العلامة التجارية، اختير اسم Meet Visa في تقديم شبكة Visa بشكل جديد موجه للجمهور العام معتمدًا على رسالة العلامة التجارية التي تقول: “نؤمن بأن الاقتصادات التي تشمل الجميع في كل مكان، ترفع مستوى الجميع في كل مكان” . وهو ما ترجم لاحقًا في الحملة الإعلانية التي ركزت أولاً على فكرة الطرفين، المحوِّل والمحوَّل له، وأيضًا على فكرة الجمهور العام بعيدًا عن المؤسسات المالية والشركات الكبيرة ما يعرف اختصارا بـ B to C، مع تركيز على التنوع العرقي حول العالم من أي جنسية أو دولة كانت لإظهار قوة وحجم Visa، في نبرة صوت عاطفية حيوية ومعاصرة بعيدة عن الرسمية أين تستهدف الأعمال البسيطة واليوميات التي تشغل أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
https://youtu.be/1swtyA2JmG8
من الاستراتيجية إلى التصميم
استوديو Mucho وهو واحد من استوديهات التصميم المفضلة لدي عمل على تطوير الهوية البصرية الجديدة لفيزا، وبالرغم من التموضع الجديد والمختلف كليًا للعلامة التجارية، إلا أن الذكاء الذي ترجم في الهوية البصرية يستحق التقدير، فقد عُرفت فيزًا دومًا ببطاقتها ذات اللونين الأزرق والذهبي في تمثيل لمشهد حقول القمح الذهبية في كاليفورنيا والسماء الزرقاء، ولاحقًا استبدل الذهبي بالأصفر، ومع الوقت صارت الأشرطة الأفقية رمزية لشعار فيزا، وفي تحديثها لهويتها عام 2005 قامت بالاستغناء عن الشريطين، وبعدها في 2014 جعلت لون الشعار موحدًا بالأرزق فقط، أما الآن فقد أعادت الأشرطة لتكون جزءًا أساسيا من الهوية.
حرفيًا لم يتم تغيير الهوية البصرية، بل تطورت بشكل طبيعي لتتماشى مع الاستراتيجية، ففكرة الطرفين والتحويل المالي المباشر موجودة بالفعل في الشريطين الأرزق والأصفر، مع تعديل في الألوان لجعلها أكثر عصرية، لكن المثير للاهتمام هنا أنها بالاضافة إلى الشعار نفسه، تم إضافة الشريطين كعنصر بصري داعم له يظهر معه في كل مكان، بمعنى لدينا شعار فيزا الخطي، وفي مكان ما من تطبيقات الهوية لدينا رمز الشريطين ليعملا معًا للتعزيز من هدف العلامة التجارية، لكن البعض يرى أنهما بهذا الشكل يشوشان على بعضهما البعض.
رمز الشريطين نفسه سمح من خلال فكرة التحويلات المالية بين طرفين بتطوير نظام بصري متكامل من الشريطين فقط، من نظام أيقونات خاص إلى تطبيقات بصرية مختلفة أنيقة وبسيطة جدًا ولكنها عملية من وجهة نظري، لأن تمثيل عملية تحويل الأموال السهلة من مكان إلى آخر لا يتطلب تصميمًا معقدًا وعناصر كثيرة، بل يتطلب اختزال أكبر قدر ممكن من العناصر الغرافيكية والتركيز على ما يعزز رسالة العلامة التجارية، المساحات البيضاء الواسعة مع الشريطين والايقونات تكفي لقول كل ما يمكن قوله.
بالإضافة إلى ذلك صمم خط طباعي خاص للهوية، الخط وهنا ولقلة العناصر الغرافيكية في الهوية يلعب دورًا مهمًا حيث أنه ينتمي للخطوط الانسانية أو Humanistic Font الذي يكون الهدف منه هو إضافة نبرة صوت محببة ولطيفة لتعزز تقرب العلامة التجارية من الجمهور العام، والنقطة الأخيرة عززها نظام التصوير الذي يركز على البشر والعملاء، من خلال صور ذات طابع صحفي للتركيز على الناس وعلى قصصهم وما يربطهم بفيزا من خلال مشاريعهم، وصور أخرى بأسلوب تجاري قليلا تبرز سهولة عمليات تحويل الأموال لدى فيزا.
نظام الأيقونات المطوَّر
خط Visa Dialect
نظام التصوير الصحفي والطبيعي الذي يستهدف أصحاب المشاريع الصغيرة
الانطباع العام:
هناك الكثير من العلامات التجارية العالمية التي أعادت تصميم هويتها البصرية وأعادت تموضعها في السوق، لكن هوية فيزا ولأني أعمل في هذا المجال – الهويات البصرية – أجدها قدمت شيئًا يستحق التعلم منه، فعندما تسعى شركة ذات تاريخ طويل إلى مواكبة التغيرات في السوق أو التأقلم مع وضع جديد فرض عليها مثلما حدث مع فيزا مع العملات المشفرة واللامركزية في تحويل الأموال، عندما جاء الأمر لهويتها البصرية، لم تكن مضطرة للتخلي عنها بشكل جذري، هناك ذكاء كبير حدث في هذه العملية، فالتحديث الحاصل يبدو طبيعيا جدًا ومنطقيًا للغاية وكأنه كان ينتظر الوقت المناسب ليحدث، والأهم قدرة صانعي القرار في فيزا من القبول بهذا التحديث ودعمه بجرأة وهي – للعالمين بالأمور أمر يندر حدوثه في مؤسسات بهذا الحجم الكبير، لا أحد يعرف مستقبل هذه الشركات، فتقنية سلاسل الكتل والعملات المشفرة القائمة عليها تسببت لها بهزة قوية وتهددها بقوة، لكن من يدري قد يجني هذا التحول ثماره.
للتعرف أكثر على التطبيقات البصرية لهوية فيزا الجديدة
المصادر:
—–
0 تعليق