ثقافة اللطافة

بعد الحرب العالمية الثانية، شهد العالم زيادة سكانية كبيرة ضمن مرحلة سلام، رافقها مستوى تعليمي شبه متقارب للأجيال المولودة في…...

بعد الحرب العالمية الثانية، شهد العالم زيادة سكانية كبيرة ضمن مرحلة سلام، رافقها مستوى تعليمي شبه متقارب للأجيال المولودة في تلك الفترة، وأيضًا رافقه أهم عنصر وهو بروز التلفاز كجهاز بدأ ينتشر في المنازل لدى هذه الأجيال، وهو ما بدأ يؤثر في تشكيل تصورهم للعالم، فبعد أن كانت الدول منفصلة ثقافيا واجتماعيًا عن بعضها البعض، بدأ يكوِّن هذا الجيل منظورًا مشتركا للعالم من حوله.

لكن هذه المرحلة أيضًا شهدت بروز الحركات التحررية المجابهة للدول الاستعمارية، وبدأ ما يعرف بالحرب الباردة بين المعسكرين؛ الولايات الأمريكية المتحدة بالاقتصاد والثقافة الرأسمالية، ومعسكر الاتحاد السوفيتي الشيوعي، والذي انعكس بشكل واضح بين الطرفين في حرب مثل حرب فييتنام.

هذا ما قاد في مطلع ستينات القرن الماضي إلى اجتياح العالم احتجاجات ومظاهرات عارمة لمطالبات عدة، كان من بينها مناهضة الحرب وأيضًا للرأسمالية وبالتحديد مناهضة لأمريكا؛ كان سببها اتساع تأثير اليسار الاشتراكي الجديد في عدد من الدول، وكان للحركات الطلابية في الجامعات دورًا كبيرًا في هذه الاحتجاجات والمطالبات التي امتدت لفترة طويلة.

المشاهد المروعة للتدخل العنيف للشرطة ضد المحتجين من الطلاب في الجامعات اليابانية (المصدر)

في اليابان تحديدًا كانت هذه الاحتجاجات الطلابية هي الأولى من نوعها في العالم والمعارضة للتعاون العسكري بين اليابان والولايات المتحدة، بالإضافة إلى معارضة أخرى داخلية ترفض السلطة الأبوية الصارمة في الجامعات اليابانية وتطالب باستقلالية أكبر وبحرية التعبير. إلى غاية العام 1968 أين وصلت الاحتجاجات ذروتها في اليابان حيث شلَّ الطلاب معظم الجامعات، ما دفع الحكومة لفسح المجال للشرطة للتدخل بقوة وقمع هذه الاحتجاجات بشكل عنيف ودموي وانتهت معها هذه الاحتجاجات مع العام 1970.

ظهور المانجا:

المانجا أو المانغا، بالرغم من أن هذا النوع من الرسوم والقصص كان متواجدًا في الصحف قبل هذه المرحلة، لكنه أخذ منحى آخر في بداية خمسينات القرن الماضي، على يد بعض الرسامين اليابانيين، يُعزى هذا التحول في عالم المانجا بشكل مباشر إلى الرسام “Osamu Tezuka” الذي كان قد شاهد فيلم “سنو وايت والأقزام السبعة” الصادر عام 1937 وتأثر به وبطريقة الرسم تلك التي ميزت الأقزام السبعة، فكانت مانجا “آسترو بوي” الانطلاقة الرسمية لرسوم وثقافة المانجا، بالإضافة إلى الرسامة “Machiko Hasegawa” بتقديمها لشخصية “سازايه-سان” التي تتناول قضايا اجتماعية مختلفة.

  • أوسامو تيزوكا مع شخيصة آسترو بوي

في المقابل أيضًا كانت مجلات الفتيات أيضًا تلقى رواجًا، حيث برز الرسام Rune Naito بمشاركته في رسم شخصيات مجلات مثل Junior Soleil حيث وضع حجر الأساس لما سيصبح نموذجًا لرسم الشخصيات ذات الطابع الطفولي بالرأس الكبير والعيون الواسعة.

Rune Naito

الأسلوب المميز لـ Rune Naito في رسمه للشخصيات مجلة Junior Soleil

كان التلفزيون بدأ ينتشر حول العالم، لكنه لم يكن بعد بتلك الطريقة وقتها في اليابان، لذلك كان الشباب اليابانيون يلجؤون للمانجا كوسيلة الترفيه الأرخص والأفضل لهم، وأحيانًا أيضًا كاعتراض على ثقافة الصرامة الأبوية اليابانية التي تطالبهم بترك المجلات الرسومية تلك والتعامل كأشخاص بالغين ومسؤولين.

بتوسع الاحتجاجات في نهاية الستينات كانت المانجا تلعب دورًا مهمًا في الاعتراض على الحرب وعلى السلطة الأبوية فباتت مطالعتها من جيل الشباب تشكل معارضة صريحة، بالإضافة أن هناك من قصص المانجا التي تبنت مواضيع سياسية واجتماعية معارضة أيضًا، لدرجة أن الحكومة اليابانية وضعت لجنة خاصة لمراقبة المانجا ومنعت عددًا منها.

  • مجموعة من قصص المانجا صدرت في الستينات - المصدر (ebay)

مع قمع الاحتجاجات بشكل حاسم في نهاية الستينات تحولت مطالعة المانجا إلى نوع من الاعتراض على الواقع الذي وجد الشباب أنفسهم فيه، فكانت ملاذهم للعالم الخيالي البريء فيها، وعدم تقبلهم للأمر ورفضهم للمسؤولية والنضوج والسلطة الأبوية! وشكلت المانجا والآنيمي وعاءً مهمًا لفترة ما بعد الاحجاجات لفئة الشباب، كمهرب لهم من الصدمة، وكوسيلة للتواصل وبناء تصور للعالم من حولهم.

ثورة المراهقات:

بعد قمع الاحتجاجات، كان هناك طرف آخر في المعادلة لم يكن فقط معارضا للحرب وللاتفاقيات العسكرية اليابانية والأمريكية، بكل كان – وربما لايزال – يتعرض لتمييز وقمع آخر، وهم النساء والفتيات، اللاتي كن يتعرضن حتى للتهميش في المانجا، فحتى عند وجود شخصيات نسائية في المانجا فقد كان المستهدف منها هو القراء الشباب الذكور وليس الفتيات. وكنوع من الثورة على السلطة الأبوية الذكورية، انطلقت معارضة ناعمة لم يحسب لها حساب.

أسلوب الكتابة كانجي

نموذج لأسلوب الكتابة “كانجي”، المصدر

بدأت المراهقات في التخلي عن الكتابة بأسلوب كانجي المعروف في الكتابة اليابانية بضربات فرشاة حادة ومستقيمة، وتشكَّل نوع من الكتابة في الدفاتر والمذكرات بالأقلام الميكانيكية حيث يتميز بالعفوية والانحناءات اللطيفة يتخلله رسومات لقلوب ونجوم وحيوانات صغيرة، حتى أن انتشار هذه الكتابة قوبل بالمنع في المدارس، لكنه سرعان ما انتشر وتبنته مجلات الفتيات ومجلات الأزياء لتواكب تلك الثقافة الصاعدة، ويعتبر كثيرون أن هذه الموجة شكلت أساس ثقافة اللطافة التي ميزت اليابان في العقود التالية وهو ما يقودنا إلى النقطة التالية.

  • نماذج للكتابة اللطيفة التي ميزت دافتر المراهقات في اليابان مع بداية السبعينات

آيدول (أو معبود الجماهير):

سنة 1963 عرض في اليابان الفيلم الفرنسي Cherchez l’idole أو “ابحث عن محبوب أو معبود الجماهير“، الفيلم حقق نجاحاً كبيرًا في اليابان لما يتحويه من موسيقا وأغاني، لكن البطلة الرئيسية فيه Sylvie Vartan كانت محور اهتمام اليابانيين بوجهها الطفولي وشخصيتها المرحة وأغانيها الحيوية، حتى أنها قدمت 13 حفلاً غنائيا في طوكيو بعد الفيلم. نجاح الفيلم أثَّر في شركات الانتاج الفني ووكالات المواهب بأن صارت تطلق على أي موهوب صاعد وصف “Idol“، في تلك الفترة التي بدأ التلفاز فيها في الانتشار كانت هذه الوكالات هي المعبر الوحيد للموهوبين، حيث تصنعهم وتروج لهم في كل مكان.

مع بداية السبعينات، أثرت الثقافة المعارضة اللطيفة الطفولية الجديدة على صناعة هذه المواهب وركبت وكالات صناعة المواهب الموجة، فتحولت لصنع آيدول تكون صورتهم طفولية لطيفة ومرحة وتتصرف بطريقة معينة، وكأنها مواهب لا تتقدم في السن، ذات وجه طفولي دائم، وودودة حتي في حديثها، ومع بلوغ الثمانينات اجتاحت هذه المواهب اليابان، ولا تزال صناعة هذه المواهب مستمرة إلى الآن! وتبنت ثقافة الـK-Pop في كوريا الجنوبية نفس التوجه في صناعة المواهب الغنائية والآن نراها في فرق غنائية مثل BTS وBlackpink.

https://www.youtube.com/watch?v=FKbzyY9AA1c

بعض من المواهب “آيدول” التي ظهرت في اليابان في بداية السبعينات،. وتميزت بوجهها البريء ولطافتها

في اليابان تحديدًا باتت هذه المواهب هي النموذج الأمثل للهروب من الحياة اليومية، فأي “آيدول” يحاول الخروج عن هذا الأسلوب الطفولي اللطيف أو يعيش حياته بالشكل الذي يريده يفقد عقده فورًا وتنتهي حياته المهنية، حيث يهرب الناس إلي هذه المواهب كونها تمثل البراءة والمزيج بين الطفولة والشباب الدائم وتجعلهم في وضع نفسي جيد وتوفر لهم شيئًا إيجابيا يتطلعون إليه في حياتهم المليئة بالضغوط.

هلوو كيتي:

  • شعار شركة سانريو

كانت شركة سانريو المؤسسة سنة 1960 تنتج صنادل من المطاط مع رسومات من الورود عليها، مع الوقت لاحظ مؤسس الشركة Shintaro Tsuji أن الصنادل تباع أكثر إن حملت رسومات لطيفة عليها، فوظف رسامة الكرتون “Yuko Shimizu” سنة 1974 لتصمم له شخصية مميزة لمنتجاته، وفي شهر مارس من العام 1975 برزت للعالم شخصية هللو كيتي “Hello Kitty” والتي فورًا تحولت لظاهرة في اليابان، وانتشر معها مصطلح Kawaii الياباني الذي يحمل معانٍ متعددة بين “لطيف أو محبوب، أو ظريف”، وبالانجليزية “Cute”.

  • أول لشخصية Hello Kitty

ظهرت Hello Kitty أولا كمحفظة صغيرة ومصنوعة من الفينيل مخصصة للنقود المعدنية وموجهة للأطفال ما قبل مرحلة المراهقة، لكنها نجحت بشكل كبير وانتشرت بين مختلف الأعمار، ومع وصول التسعينات كانت قد توسعت إلى كل ما تتخيله من منتجات وتستهدف الجميع من الأطفال إلى البالغين، فتجدها في حلقة معدنية لطيفة صغيرة، كما تجدها تزين أسطولا كاملاً لشركة طيران!

انطلاق ثقافة اللطافة:

شكلت “هلوو كيتي” الإنطلاقة الرسمية لثقافة اللطافة أو الكياتة أو “Kawaii“، حيث ساعدها اجتماع بقية العوامل الأخرى؛ بين الاعتراض على قمع الاحتجاجات برفع النضوج والبلوغ بالاستمرار في مطالعة المانجا والمجلات المصورة بين الشباب، وظهور أسلوب رسم للمانجا بالرؤوس الكبيرة والعيون الواسعة، وبين مجلات الفتيات ذات الطابع الطفولي اللطيف، وموجة الاعتراض لدى المراهقات في المدارس بالكتابة بأسلوب طفولي معارض للكتابة اليابانية الصارمة المعروفة، وصناعة مواهب غنائية شابة تساير هذا التوجه اللطيف، وأيضًا مع شركات أزياء تعزز من هذا التوجه، وبعد منتصف السبعينات إلى الثمانينات غزت هذه الظاهرة اليابان وتحولت الـ Kawaii إلى ثقافة قائمة بحد ذاتها وأعادت صياغة التواصل اليومي لدى اليابانيين.

القطاع العام يتبنى اللطافة:

مع بداية التسعينات كانت اللطافة قد وصلت إلى القطاع العام، حيث بدأ تبنيها كأسلوب تواصل مع الجمهور في مختلف القطاعات، لتتبنى شخصيات لطيفة لحملاتها التوعوية، أو أن تشرح فعالياتها، شرطة طوكيو على سبيل المثال تبنت الشخصية “Pipo-Kun” سنة 1987، كشخصية لطيفة محبوبة تلطِّف من الجو العام الذي تتميز به الشرطة والمرتبط بالعنف، وستجد في الشوارع لافتات ونماذج لتلك الشخصية تحذرك من أمر ما، أو تقدم لك نصيحة أو حتى تحتفل بأحد الأعياد اليابانية، وقد تجدها حاضرة في فاعليات مدرسية مع رجال الشرطة.

  • شخصية PipoKun التي تمثل شرطة طوكيو

أيضًا المؤسسة العسكرية اليابانية تبنت شخصيتها اللطيفة سنة 2007 وأسمتها “Prince Pickles” أو الأمير مخلل، بنفس التفاصيل، رأس كبير مقارنة بالجسم، عيون واسعة، ابتسامة طفولية، وتجده مرسوما أمام دبابة، أو يشارك في التدريبات العسكرية.

حاليًا لدى كل محافظة في اليابان شخصيتها اللطيفة التي تتواصل مع الجمهور وتكون حاضرة بقوة في أي فعالية أو حملة إعلانية، حتى أن هناك مسابقات سنوية لهذه الشخصيات، وليس الهدف منها الفوز، بل الاستمتاع باللطافة والأجواء الإيجابية من خلال تجمع كل تلك الشخصيات، بل حتى أن السياسيين يلجؤون للشخصيات اللطيفة كرموز لهم، تكون حاضرة في كل مناسباتهم وفي مؤتمراتهم الصحفية، وهو أمر قد نستهجنه هنا في البلاد العربية.

  • استخدام المحافظات للشخصيات اللطيفة

المصدر

اللطافة ومولد “الإيموجي”:

بالرغم من أن “الوجوه التعبيرية” كانت موجودة مع بداية التسعينات، لكنها لم تكن بتلك الصورة التي هي عليها حاليا، بل كانت تصنف في خانة الـ بيكتوغرام والانفعالات التي بنيت باستخدام الخطوط الطباعية، إلى أن جاءت شركة SoftBank اليابانية المتخصصة في الهواتف والاتصالات سنة 1997، وأطلقت هاتفها “SkyWalker DP-211SW” الذي احتوى على 90 وجهًا تعبيريا والتي تعتبر أول “إيموجي” تم إطلاقها بالرغم من بدائيتها، ثم جاء المصمم “Shigetaka Kurita” سنة 1999 وأطلق مجموعة وجوه تعبيرية من 176 وجه لصالح شركة NTT DoCoMo” اليابانية حيث انتشرت هذه الوجوه التعبيرية بشكل كبير بين اليابانيين كونها كانت أوضح وملونة.

تاريخ الإيموجي

مجموعة الإيموجي التي صممها Shigetaka

قال Shigetaka بأنه كان يحاول إيجاد طريقة للتواصل بالمشاعر عن طريق الهواتف والحواسيب بين الناس، ويوضح أن أهم إلهام كان لديه هو المانجا اليابانية التي تعتمد اللطافة في وجوه شخصياتها وفي سرد القصص، هذا يقودنا بطريقة غير مباشرة إلى الدور الذي لعبته ثقافة اللطافة “Kawaii” اليابانية في تشكيل تواصلنا الرقمي الحالي.

تطورت الإيموجي من يومها إلى وقتنا هذا لتصبح لغة تواصل قائمة بحد ذاتها، تختصر الكثير من المشاعر المكتوبة بوجه تعبيري بسيط جدًا مستحوى من تاريخ اللطافة الذي انطلق من الاعتراض على حرب ورفضها ورفض التسلط والأبوية وسعي لحرية التعبير، لذلك عندما تحاول استخدام إيموجي مستقبلاً فكر في كل هذه العقود من التطور الذي مرت بها، والتي قام بها جيل الـ “Boomers” الذي يستهزء به هذا الجيل.

الهوية التسويقية لليابان:

مع أن اليابان كانت قد بدأت في تصدير ثقافتها للعالم في الثمانينات انطلاقا بالمسلسل التلفزيوني أوشين، إلا أن تبني هوية تسويقية للبلاد لم يظهر إلا مع بداية الألفية الجديدة، ففي التسعينات مرَّت اليابان بما يعرف بـ “العقود المفقودة” وهي مرحلة الركود الاقتصادي الكبير، فبدأت في العمل على تحسين صورتها وتبنِّي إستراتيجيات جديدة لتسويق ثقافتها وخلق صورة إيجابية عنها وزيادة مبيعات منتجاتها للعالم، فتبنت ثقافة اللطافة “Kawaii” كعنصر أساسي لتسويق تلك القوة الناعمة والجانب اللطيف الذي لا يثير المخاوف بل يثير الرغبة في التقرب أكثر من البلاد.

حملة اليابان الرائعة

وقد نجحت اليابان بشكل كبير في هذا المسعى في حملتها التسويقية المسماة “اليابان الرائعة” على الرغم من الانتقادات الداخلية التي طالت هذه الحملة التسويقية كون المانجا والآنيمي والمطبخ الياباني هي فقط ما نجحت في تسويقه، في حين لم تنجح في تسويق الموسيقا والأفلام وبقية العناصر الثقافية!

لكن الواضح هو تأثير ثقافة اللطافة في نظرة العالم إلى اليابان، حيث ينظر لها بنظرة أنها البلد الودود اللطيف البريء الذي لا يثير التهديد والخوف، والبلاد التي نرغب في زيارتها والشعور بالترحيب فيها والابتسامات البريئة.

ثقافة اللطافة، حقل جديد في علم النفس:

الآن تحظى اللطافة باهتمام أكاديمي، في علم النفس وعلم السلوك، كونها تشكل عاطفة وقيمة اجتماعية لدى اليابانيين على الأقل، والتي تنطلق من تراكم تطورنا البشري من خلال المودة التي نظهرها للرضع والأطفال، وكيف يتملكنا شعور إيجابي بشأنهم وكيف نرغب في حمايتهم وإبقاءهم بقربنا، فالسمات الشكلية للرضع تحديدًا تعطينا جوهر الـ kawaii، حيث يتميز الرضيع بحجم رأس أكبر مقارنة ببقية الجسم، بجبهة واسعة، وعيون واسعة، أنف وفم صغيرين، وخدود دائرية، وتعطيك ذلك الشعور بمقاومة الرغبة في قرص تلك الخدود الطرية الصغيرة، ولمس البشرة ذات اللون الهادئ.

قدَّم الباحث الياباني Hiroshi Nittono ورقة بحيثة رائعة حول الكاويي، ومن الأشياء التي تلفت الانتباه، هي تلك التجارب التي تمت على طلاب الجامعات والموظفين في الشركات، حين قيس حجم التركيز ومستوى آداء المهام قبل وبعد مشاهدتهم لأشياء لطيفة مثل الأطفال والقطط الصغيرة وغيرها، وكيف أن الآداء يتحسن بشكل أكبر في كل مرة، ونسبة التركيز تكون أقوى، كيف تجعلنا اللطافة نشعر بشعور جيد، وكيف أن رؤية الأشياء اللطيفة تجعلنا أكثر حرصًا وانتباها تمامًا كما نفعل عندما يكون الأطفال الرضع حولنا.

—–
ربما هذا واحد من المقالات التي أخذت مني الكثير من الوقت للقراءة وربط الحداث والنقاط بعضها ببعض، ولكنني استمتعت بكتابته محاولا الاختصار قدر الإمكان، لا يزال هناك الكثير من التفاصيل التي يمكن تغطيتها بشأن ثقافة اللطافة اليابانية، لكن حاليًا سنكتفي بهذا المدخل.

1 تعليق

  1. azzan

    شكراً على المقال اللطيف …يا أستاذ عصام 🙏✨

في ضيافة ڤصرة

في ضيافة ڤصرة

بالتعبير الجزائري ڤصرة - بثلاث نقاط على القاف - تعني "جلسة سمر" أو التسامر والتحدث ليلاً عادة تجد في التعبير الجزائري والمغاربي بشكل عام "كنا مڤصرين" بمعنى كان نمضي وقتا مع بعضنا نتحدث ونتسامر، الجميل أن الدكتور طه عرباوي والزبير عامر من يقفون خلف هذا البودكاست أجدهم...

قراءة المزيد
اتساق الهوية البصرية

اتساق الهوية البصرية

يدفع العملاء للوكالات واستوديوهات التصميم لأجل بناء وتصميم هويتهم، سواء كان لهوية تسويقية متكاملة، أو لهوية بصرية فقط، لكن ما أن تنتهي هذه المرحلة ويبدأ تطبيق نتائجها من جانب استراتيجي إلى جانب بصري حتى يهرع العديد منهم إلى التجديد والتغيير! فلماذا يحدث هذا؟ ولماذا...

قراءة المزيد
إنجازات غير ملموسة!

إنجازات غير ملموسة!

في الأعوام القليلة الماضية تكرر على مسامعي هذا السؤال "أين اختفيت؟ لم نعد نرى أعمالك؟" وهذا صحيح، قلَّ ما أنشره بشكل كبير، سواء كان أعمالا في التصميم، أو حتى التدوين الذي كنت مواضبًا عليه في السابق، على الرغم من أنني لم أتوقف يومًا عن العمل والتعلم والتطور! وهذا خلق...

قراءة المزيد
Semper leo et sapien lobortis facilisis aliquam feugiat ut diam non tempus et malesuada. Fermentum nulla non justo aliquet, quis vehicula quam consequat duis ut hendrerit.

2023 ⓒ جميع الحقوق محفوظة، عصام حمود