خطوات لتحقيق نقد جيد للمصممين

لست من هواة العناوين التي تبدأ بـ “عشرة أفكار لفعل كذا كذا..” وغيرها من العناوين الجذابة، لكن هذه المرة الموضوع…...

لست من هواة العناوين التي تبدأ بـ “عشرة أفكار لفعل كذا كذا..” وغيرها من العناوين الجذابة، لكن هذه المرة الموضوع بالنسبة كذلك حقا قررت التفصيل في موضوع نقد تصاميم الآخرين إذا طلب منك، كيف تتصرف؟ وكيف تقدم نقدًا بطريقة جيدة؟ التدوينة هنا استفاضة لاجابة قدمتها في جلستي الأولى على الاسنتغرام لايف. وستجد العديد من المقالات بالانجليزية وغيرها تتناول الموضوع، لذا ما أعرضه هنا هو طريقتي والأسلوب الذي أتبعه:

للناقد:

تقديم النقد هدفه الأول والأخير مساعدة المصمم وتوجيهه، وليس إحباطه والسخرية منه أو التقليل من جهده، كن إنسانًا، إن لم ترغب بتقديم النقد لا تقدمه ببساطة.
أيضًا يفضل أن تقدم النقد في مكان خاص؛ غرفة مكتب مثلاً، أو في الرسائل الخاصة إن كان التواصل على الشبكة، مجموعة فريق العمل على Whats App أو Slack أمر مختلف.
أخيرًا لا تقدم نقدك ما لم يطلب منك بشكل صريح، أو إن رأيت أن هناك أمرًا ملحًا يحتاج إلى مراجعة فاستئذن أولاً.

لطالِب النقد:

إن طلبت نقدًا أو إن كنت ضمن فريق عملك وهذا أمر يتوجب عليك القيام به، فعليك أن تجهز نفسك لسماع آراء مزعجة قد لا تتفق معها، وملاحظات قد لا تعجبك، لكن تذكر أنها بالضبط ما تبحث عنه،لا تأخذ الأمر على محمل شخصي وراجع الملاحظات فقد تساعدك على تطوير العمل.
هذا يختلف تماما عن حالة إذا نشرت عملك على الشبكة ووجدت بعض النقد اللاذع هناك، تذكر أن بعض الناس أوغاد بطبعهم! وأحسن شيء هو أن تتجاهلهم :))
شخصيًا أفضّل اختيار من أطلب منهم نقد أعمالي، أشخاص أعرف أنهم سيقدمون نقدًا بهدف مساعدتي، توقف عن طرح عملك على الشبكة مع عبارة “ما رأيكم؟”، هذا لن يساعدك. أو راسل مصممين ترى أنهم قد يتطوعون بتقديم المساعدة والنصح اللازم.

كيف تبدأ؟

اعرف لمن تقدم نقدك:

نقدك لمصمم محترف يختلف تمامًا عن نقدك لمصمم مبتدئ، النقاط التي ستتناولها مع مصمم محترف لديه سنوات من العمل ستكون نقاطًا جدًا مختلفة عنها عندما تقدمها لمصمم في بداية مشواره، كما أن لهجتك معه وطريقة النقد ستفرق كثيرًا، مع المصمم المبتدئ بالتأكيد لن تكون حاسمًا ودقيقًا وتغرقه في التفاصيل، بعكس المحترف الذي يحتاجك أن تدقق معه في النواقص والتحسينات.

أشِر بشكل مباشر للأخطاء التي تتعارض وما تم الاتفاق عليه:

بداية، افترض هنا أنك على دراية بخلفية المشروع والنقاط التي تم الاتفاق عليها مع العميل مثل استراتيجية الهوية، شخصية الهوية والجوانب البصرية الأخرى، لذلك كن واضحًا عندما تجد خطئًا مباشرًا يتعارض وما تم الاتفاق عليه، على سبيل المثال، مشروع يتعلق بمؤسسة رسمية أو مؤسسة جادة تم تحديد نبرة صوتها على أنها رسمية مباشرة وبسيطة، لذلك أي تصميم مليء بالبهرجة وبصيحات برّاقة جديدة على الأغلب هو أمر يتعارض وشخصية تلك المؤسسة وقد يضر بها من ناحية، ومن ناحية أخرى قد يكون أمرًا غير عملي للمؤسسة للسيطرة على جودة التصاميم عند تسليم الهوية لها، فربما ليس لديها فريق التصميم القادر على مواكبة هذا الأسلوب الجديد عليهم.

مثال آخر، عميل لا يحبذ لونًا معينًا ووضح هذه النقطة في الورشات التي تمت معه؛ لذلك يفترض ولا يجوز أن تتساهل مع هذا الأمر، لكن الفرق أن تذكره كنقطة وليس هجومًا حادًا على زميلك أو صاحب التصميم، كمثال يمكنك أن تقول: ” بالمناسبة، انتبه أن اللون الأحمر يرفضه العميل، ولتقليل وقت الموافقات والنقاشات والرسائل والاجتماعات معه، يستحسن استبداله من الآن بلون آخر يتماشى مع قيم العلامة التجارية على سبيل المثال، كالثقة والحكمة مثلا؟”.

تحدث عن انطباعك الأولي:

الانطباع الأولي مهم جدًا حيث على الأغلب أن انطباعك هذا سيكون مقاربًا لانطباع المتلقي العادي، تحدث عن ما شعرت به أول مرة، هل جالت في بالك عبارة “جميل”، أم “توزيع الخطوط عبقري” أم “الصورة مزعجة” وربما “التصميم فارغ”.. على الأغلب هذا سيوضح تمامًا إن كان العمل في الطريق الصحيح أم أنه يحتاج إلى مراجعة.

الإيجابيات أولا:

ليس من قبيل التنمية البشرية وكلام التحفيز المعتاد، بل من قبيل التحضير النفسي لصاحب العمل، التشجيع جزء مهم، ما أذكره من دراستي للفنون الجميلة أني ولغاية الآن لا أكن الاحترام للأساتذة الذين كانوا يتعاملون مع مشاريعي بطريقة هجومية عنيفة ومهينة، وأقدر جدًا أولئك الذين كانوا يعرضون العمل ويعطون رأيهم في الأجزاء التي أعجبتهم والجهد المبذول فيها، ما كان يدفعني لتحسين العمل بأفضل شكل لاحقاً.

لذلك تحدث عما أعجبك، بهدوء ودون حماس زائد، مثلاً لو أعجبك توزيع النصوص على المساحات أذكر هذه النقطة، اختيار الدرجات اللونية، كيفية تطبيق فكرة الشعار مثلاً، اختيارالخطوط للشعارأو للهوية، المهم هنا أن تعدد النقاط التي أعجبتك دون الدخول في التفاصيل بشكل مبالغ فيه، مهمتك هنا هي أن تساعد المصمم على معرفة وجهته.

طرح الأسئلة:

نأتي الآن للنقطة المهمة وهي رؤيتك الخاصة ونظرتك للنقاط التي تراها سلبية في تصميم الهوية، يفضل البعض أن يكون النقد جافًا مباشرًا وحاسمًا، من منطلق “في مصلحتك”، لذلك يكون نقده مؤذيًا وأحيانًا محطمًا للمصمم لكن تذكر أن الناس أنواع، وشخصيًا بعد سنوات طويلة زادت قناعتي بأن هذا الأسلوب خطأ، هناك طرق كثيرة للحديث عن النقاط السلبية في تصاميم الآخرين دون جرح مشاعرهم ولتشجعيهم أكثر لطلب النصح والنقد وتقديم عمل أفضل.

لذلك أفضل أولاً الإشارة إلى النقاط التي تحتاج إلى تحسين بطرح سؤال عنها؛ أولا لأستفسر عنها، فقد تكون وضعت لغاية ما، قد يستخدم المصمم خطًا معينًا في التصميم لغاية أجهلها أنا، ففي هذه الحالة قد أجد إجابة مقنعة، وثانيًا لألفت نظره إلى المسألة بطريقة غير مباشرة.

في حال وضحت أن النقطة بالفعل سلبية فسأخبره حينها بأنها بحاجة إلى مراجعة، دومًا أقترح عبارة “راجع هذه النقطة”، فهذا يعطي المصمم المساحة اللازمة لاتخذا القرار بعد تدبر كونه هو الشخص الذي يعمل من الألف إلى الياء على التصميم، وإن كان لديك الحل لمعالجة تلك النقطة أذكره ببساطة، أخبره أن أفضل طريقة لعرض النص بشكل أفضل هي أن تستبدل الإطار السميك بخلفية هادئة، على سبيل المثال!

يقضى المصمم أغلب وقته على العمل ومع الوقت تتعود عينه عليه ويصبح عليه صعبًا الانتباه إلى نقاط التحسين، لذلك ستكون أنت عينه التي ترصد نقاط الضعف.

للهوية البصرية: راجع معه توافق التطبيقات:

تتميز الهوية البصرية بلغة معينة يستطيع المتلقي ربطها ببعضها البعض، من أنماط ورسوم وخطوط وألوان وغيرها، لذلك أول شيء يجب عليك أن تتأكد بأن التصاميم كلها مترابطة على المطبوعات المختلفة، هل يتم توزيع العناصر بطريقة تجعل التصاميم كلها تبدو من نفس العائلة، هذا أمر يفضل دومًا جذب انتباه المصمم له والتأكيد عليه من مراجعته باستمرار، بالخصوص المشاريع التي تعتمد علي عناصر كثيرة وليس فقط على الثلاثي المعتاد “شعار، لون، خط”.

دومًا وأنت تطرح أسئلتك اربطها بالنقاط المتفق عليها كما ذكرنا، تلك النقاط هي مرجعكم دومًا، وأي ملاحظة أو نصيحة يتوجب أن تتعلق بخدمة تلك النقاط وتحقيقها بشكل أفضل.

قدم المقترحات والمصادر:

قد تكون أكثر خبرة من المصمم صاحب العمل، لذلك سيكون جيدًا أن تقترح عليه تجربة طريقة ثانية، أو تطبيق غرافيكي آخر، يمكنك اقتراح استخدام خط بديل تراه أنسب للتصميم، أو توزيعًا مغايرًا لعناصر التصميم يفسح المجال لتوزيع المحتوى بشكل أفضل مع الحفاظ على الجانب الغرافيكي والجمالي في التصميم.

أيضًا اقترح مصادر تراها ستساعده على الإلمام أكثر بمشروعه، قد تكون كتبًا بعينها، أو حساب إنستغرام لمصمم معين، أو حتى دروسًا على الشبكة تظنها ستساعده من الناحية المهارات في البرامج أو غيرها، تقديم المصادر والمقترحات مهم لتذكير الجميع أننا دومًا بحاجة للتعلم.

إلن لم يكن لديك ما تضيفه قلها ببساطة:

قد يصادفك عمل يعجبك ولا ترى فيه أي نقص، فقط قلها بشكل مباشرة وببساطة، ليس لدي أي تعليق، لا شيء يمكنني إضافته، العمل أراه مكتملا، لا داعي لتعقيد الأمور، أحيانا من الحكمة أن تترك الأشياء كما هي.

الاستثناء الوحيد:

أستثني هنا حالة إن كان التصميم لا يرقى إلى المستوى المطلوب، وترى أنك عليك أن تكون صريحًا وأن لا تشجع للتشجيع فقط، وأنها الحالة التي يجب أن تواجه المصمم بأن عمله يحتاج إلى الكثير من الجهد والتعديل وينقصه الكثير، بلباقة بكل تأكيد، أخبره أنك لا ترى المشروع قد وصل بعد إلى المرحلة المطلوبة التي قد تساعده فيها بالنصح والتوجيه.

0 تعليق

ثقافة اللطافة

ثقافة اللطافة

بعد الحرب العالمية الثانية، شهد العالم زيادة سكانية كبيرة ضمن مرحلة سلام، رافقها مستوى تعليمي شبه متقارب للأجيال المولودة في تلك الفترة، وأيضًا رافقه أهم عنصر وهو بروز التلفاز كجهاز بدأ ينتشر في المنازل لدى هذه الأجيال، وهو ما بدأ يؤثر في تشكيل تصورهم للعالم، فبعد أن...

قراءة المزيد
لماذا القطاع العام بحاجة لهوية تسويقية

لماذا القطاع العام بحاجة لهوية تسويقية

في القطاع الخاص وفي وقتنا الحالي يمكن لأي شركة أن تصنع منتجًا خاصًا، أو تقدم خدمة جديدة مختلفة عما يقدمه الآخرون، الاشكالية أنه سرعان ما ستنسخ شركات أخرى نفس المنتج أو الخدمة وتقدمها، وهو ما يصعب عملية الاختيار على العملاء، خذ على سبيل المثال شركة "OpenAI" التي أطلقلت...

قراءة المزيد
آفاتار: طريق الماء

آفاتار: طريق الماء

عندما شاهدت الجزء الأول من فيلم "آفاتار" طالعت عن نيّة لإنتاج أجزاء أخرى منه، وجال بذهني سؤال ما الذي يمكن إضافته؟ فالشعور الذي تولد لدي حينها أن الفيلم متكامل ولا شيء يمكن إضافته، ربما من ناحية القصة هو ليس ثوريًا أو أصليًا تمامًا، لكن التجربة ككل متكاملة وممتعة،...

قراءة المزيد
Semper leo et sapien lobortis facilisis aliquam feugiat ut diam non tempus et malesuada. Fermentum nulla non justo aliquet, quis vehicula quam consequat duis ut hendrerit.

2023 ⓒ جميع الحقوق محفوظة، عصام حمود