اتساق الهوية البصرية

يدفع العملاء للوكالات واستوديوهات التصميم لأجل بناء وتصميم هويتهم، سواء كان لهوية تسويقية متكاملة، أو لهوية بصرية فقط، لكن ما…...
22 أكتوبر، 2022

يدفع العملاء للوكالات واستوديوهات التصميم لأجل بناء وتصميم هويتهم، سواء كان لهوية تسويقية متكاملة، أو لهوية بصرية فقط، لكن ما أن تنتهي هذه المرحلة ويبدأ تطبيق نتائجها من جانب استراتيجي إلى جانب بصري حتى يهرع العديد منهم إلى التجديد والتغيير! فلماذا يحدث هذا؟ ولماذا اتساق الهوية/العلامة التجارية مهم للعملاء؟

لنعد إلى الوراء قليلا

عند بناء الهوية التسويقية، فقد تم تحديد نبرة الصوت وموضعة العلامة التجارية والجمهور المستهدف ووضع دليل إرشادي للهوية البصرية، هذه الممارسة جاءت لأسباب وجيهة، وهي أن تحدد كيف تود أن تظهر أمام جمهورك المستهدف، وكيف تتواصل معه، والأهم كيف تريده أن يراك ويتواصل معك وكيف ستتشكل صورتك الذهنية لديه، وأيضًا حتى يسهل عليك قياس هذا التصور، وأن تكون لديك الآلية المناسبة للتعديل والتطوير مستقبلاً، لكن هذا كله لن يحدث بدون اتساق الهوية.

ما هو اتساق الهوية:

أو بالانجليزية “Brand Consistency” هو أن تعمل على تكرارا نفس الرسائل والممارسات والالتزام بها لفترة طويلة من الوقت، بما فيها تطبيقات الهوية البصرية من أسلوب تصميم وعناصر بصرية كالألوان والخطوط والشعار والثيمات وغيرها ..

تخيل أن تذهب إلى أيكيا في يوم ما، ثم تعود بعدها بأسبوع لتجدهم غيروا من شعارهم وصار لونه أحمر! وبعدها بأسبوع تغير مكانهم وتغير اسم “أيكيا” إلى “مفروشات السعادة” على سبيل المثال! مع تغييرات أخرى في طريقة العرض وتجربة الشراء، وهكذا.. كيف يمكنك الآن تمييز المشروع؟ وكيف يمكنك أن تشكل صورة ذهنية عنه طالما أنه يتغير في كل مرة؟

لذلك نجد أن أهمية اتساق الهوية تتلخص عمومًا في ثلاث نقاط:

    أن تبني العلامة التجارية بشكل أسرع، فكلما كان هناك تغيير سيصعب هذا من بناء علاقة مع الجمهور المستهدف.

    تساعد الناس على التعرف علامتك التجارية بسهولة، كلما ثبتت العلامة التجارية على قيمها وجانبها البصري كلما سهل الأمر على الناس للتعرف عليها بسهولة ولو بين مئات العلامات التجارية الأخرى.

    تبنى الثقة لديهم، فالعلامة التجارية التي تلتزم بهويتها لفترة من الزمن تخلق لدى الناس شعورًا بالثقة، بعكس الهوية التي تغير من نفسها في أوقات قصيرة!

أين المشكلة اذن؟

طالما أن الأمر واضح بهذا الشكل، فلماذا هذا الهوس بالتغيير والتجديد يطارد العملاء ويجعلهم غير راضين عن هويتهم؟

وعي العميل:

قلة الوعي بممارسات الهوية أو العلامة التجارية يجعل العملاء غير مدركين للضرر الذي يتسببون به لخدمتهم أو منتجهم، فيتعاملون بتساهل مع الهوية وأنه بعد بناءها يمكنهم إدخال التعديلات فيها كيفما شاؤوا!

استعجال النتائج:

بناء العلامات التجارية يتطلب الكثير من الصبر والعمل، وسنوات من الجهد والانضباط في تقديم نفس الجودة للخدمة والمنتج ونفس الشعار والتطبيقات البصرية، يتعرض بعض العملاء لضغط الحاجة لتعويض الخسائر أو الميزانيات المدفوعة في المشروع، فيلجؤون لأي وسيلة ممكنة لجعل الجمهور المستهدف يختارهم بأسرع وقت، وأحد الضحايا هو العلامة التجارية غير المنضبطة المتغيرة باستمرار.

المنافسة:

شدة المنافسة قد تكون دافعًا آخر للعملاء لبذل المزيد من الجهد في المكان الخطأ بتعديل رسائلهم الموجهة لجمهورهم بشكل مستمر، وتغيير التطبيقات البصرية باستمرار كمحاولة لجذب عدد أكبر من الجمهور.

الشبكات الاجتماعية والمقارنات القاتلة:

صدق أو لا تصدق، في عصر الشبكات الاجتماعية والمحتوى الجذاب اللانهائي لها؛ يقع العملاء تحت ضغط المقارنات، حيث يرون من كل صوب منافسيهم وغيرهم ينشرون ما هو متخلف عنهم، ما يحدث على الشبكات فعلا هو حرب لكسب اهتمام المستخدم، وهذا ما يخلق عند العميل ضرورة أن يكون كل منشور وكل تصميم وكل تغريدة ملفتة ومختلفة ولوحة فنية تجعل المستخدم يهتف بها ويتداولها مع الآخرين، فيصبح غير مقتنع بما لديه من محتوى وهوية بصرية، وتكون الضحية أيضًا عملية بناء الهوية التي قام بها من قبل، فيرمي بها عرض الحائط فقط للفت انتباه الجمهور لساعات وأيام قليلة، لكن الجمهور سينسى هذا كله كون الهوية تظهر في كل مرة بشكل جديد!

الشعور بالملل جزء من العملية:

سواء أحببت أم لا؛ استراتيجيتك، موضعتك، ألوانك، خطوطك، نظامك الشبكي، أسلوب التصوير، نبرة الصوت وأسلوب صياغة المحتوى.. ألخ؛ هي أشياء لابد من استمراراها وتكرارها لانضباط العلامة، قد تشعر بالملل أجل، لكن هذا هو المطلوب بالضبط، يتوجب عليك أن تحافظ قدر الإمكان على اتساق علامتك/هويتك،

متى يتم التغيير إذن؟

لنفرق أولا بين الكلمتين، التغيير والتحسين، التحسين هو أن تضيف بعض التغييرات الطفيفة مع الوقت بحيث لا تكون ملاحظة بشكل كبير ولا تشكل فرقًا كبيرا في تجربة الجمهور مع الخدمة والمنتج، أما التغيير فهو يعني بالضبط أن تغير ما اتفقت مسبقًا العمل عليه وتأتي بشيء جديد.

لذلك لدينا حالتين مختلفتين:

في ممارسات العلامات التجارية هناك ما يعرف بـ “تحديث الهوية” أو Brand Refreshment، وهو مختلف تمامًا عن “إعادة تصميم الهوية” Rebranding. فالأخير يقصد به هدم كل شيء بخصوص الهوية والعمل عليه من جديد سواء كان استراتيجيا أو بصريًا.

تحديث الهوية (Brand Refreshment):

أولا تحديث الهوية يتم بعد فترة من الزمن والمحافظة على إتساق الهوية وانضباطها والمراقبة وتسجيل الملاحظات والتأكد من الأشياء التي يتوجب العمل عليها. ثانيًا تحديث الهوية يكون بإدخال تعديلات في الأشياء المطلوب تعديلها دون المساس بالشكل العام، على سبيل المثال: قد تكتشف إن الهوية البصرية بحاجة لإضافة لون ثانوي لخلق نوع من التوازن بين مجموعة الألوان، وقد تعدل معه على درجات الألوان الأساسية الموجودة بحث تصبح أكثر إشراقا وحيوية دون أن تأتي بألوان جديدة مكانها. لذلك يكون اتساق الهوية حاضرًا بقوة خلال عملية التحديث هذه كي لا تتحول من تحديث إلى تغيير.

إعادة تصميم الهوية (Rebranding):

تأتي هذه الممارسة بعد أن تصبح هناك حاجة ماسة له، فقد يتغير السوق وتصبح الهوية السابقة غير مناسبة لطبيعته، وبحاجة لاستهداف جمهور جديد مختلف كليا عن الجمهور السابق، أو أن يكون هناك اندماج مع علامة تجارية أخرى لها هويتها، فيتطلب الأمر هنا إعادة تصميم هوية جديدة وبناء استراتيجية جديدة من صفر، وغيرها من الحالات التي يكون إعادة تصميم الهوية أمرا حتميًا.


ملاحظة:
عنوان المقال “اتساق الهوية البصرية” لكنه يتناول أيضًا مصطلح العلامة التجاوية والهوية البصرية بشكل عام.

0 تعليق

كروموفوبيا، عن رُهاب الألوان من حولنا

كروموفوبيا، عن رُهاب الألوان من حولنا

تستعد للذهاب إلى عملك، تفتح خزانتك، وترى الملابس المعلقة أو المطوية في الدرج، وتفكر أيها أنسب ليوم عمل عادي قد يتخلله اجتماع مهم مع الفريق أو العميل، فتجد نفسك قد قررت أن أنسب خيار هو ملابس رسمية نوعًا ما، لكنك في نفس الوقت قررت أن الألوان يجب أن تكون هادئة محايدة، لا...

قراءة المزيد
ثقافة اللطافة

ثقافة اللطافة

بعد الحرب العالمية الثانية، شهد العالم زيادة سكانية كبيرة ضمن مرحلة سلام، رافقها مستوى تعليمي شبه متقارب للأجيال المولودة في تلك الفترة، وأيضًا رافقه أهم عنصر وهو بروز التلفاز كجهاز بدأ ينتشر في المنازل لدى هذه الأجيال، وهو ما بدأ يؤثر في تشكيل تصورهم للعالم، فبعد أن...

قراءة المزيد
لماذا القطاع العام بحاجة لهوية تسويقية

لماذا القطاع العام بحاجة لهوية تسويقية

في القطاع الخاص وفي وقتنا الحالي يمكن لأي شركة أن تصنع منتجًا خاصًا، أو تقدم خدمة جديدة مختلفة عما يقدمه الآخرون، الاشكالية أنه سرعان ما ستنسخ شركات أخرى نفس المنتج أو الخدمة وتقدمها، وهو ما يصعب عملية الاختيار على العملاء، خذ على سبيل المثال شركة "OpenAI" التي أطلقلت...

قراءة المزيد
Semper leo et sapien lobortis facilisis aliquam feugiat ut diam non tempus et malesuada. Fermentum nulla non justo aliquet, quis vehicula quam consequat duis ut hendrerit.

2023 ⓒ جميع الحقوق محفوظة، عصام حمود